وحدة دراسات استشراف المستقبلاتPosted by Global Institute for Arabic Renewal on Thursday, May 18, 2023
مداخلة البروفيسور/ الدكتور معتصم أحمد الحاج
مستقبلات النظام السياسي في السودان في ظل الصراع العسكري
- مختص في الدراسات السودانية
- مدير جامعة أم درمان الأهلية
على الرغم من الثورة المجيدة التي قادها شباب وشابات السودان، فإن قوى النظام السابق استطاعت جمع انفاسها والالتفاف على الثورة دون أن تكمل مسيرتها وتمثل ذلك في:
1- تحول اللجنة الامنية للنظام السابق إلى أداة قوة وسلطة قابضة لتتفاوض معها القوى المدنية القائدة للثورة، وبالتالي طالما هنالك تفاوض تكون هنالك تنازلات، ونتج عن ذلك الوثيقة الدستورية المختلة التي جعلت العسكريين يتقاسمون السلطة مع قوى الثورة.
2- على الرغم من شعارات الثورة (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل) فقد ضغطت اللجنة الامنية للاعتراف بالدعم السريع كجيش ثان وأصبح له تمثيل في السلطة.
3- بما إن القائد العام كان والغا في تكوين عصابات الجنجويد التي أطلق عليها إسم “الدعم السريع”، فقد تجاوز الوثيقة الدستورية وعين رئيسها نائباً له ولم تحتج القوى المدنية على ذلك نتيجة لضعف تجربتها.
4- الدعم السريع تكوّنَ اساساً لمواجهة الحركات المسلحة في دار فور، وارتكب فظائع تسببت في اللجوء والتهجير القسري والمذابح ضد المواطنين، ولكن الدعم السريع توسع في مهامه وبدأ في تكوين امبراطورية مالية واحتكار تهريب الذهب واستقطاب بعض العسكريين مما ساهم في تطوير مقدراته القتالية والتسليح.
5- كان الرئيس السابق يرى أن الدعم السريع سيكون حماية له إذا غدر به الإسلاميون، ولذلك صنع لهم قانوناً يجعلهم تحت إشراف الرئيس مباشرة وبالتالي أصبح في البلاد جيشين متنافرين.
6- نصت الوثيقة الدستورية على تقاسم رئاسة مجلس رأس الدولة، ولكن عندما أوشكت مدة رئاسة العسكريين على الانتهاء، تحركت ذيول النظام السابق بالتعاون مع قيادة الجيش والدعم السريع ليقوم البرهان بانقلاب يقصي المدنيين من السلطة السيادية والتنفيذية.
7- عجز الانقلاب عن تكوين حكومة وسط معارضة كبيرة من قوى الثورة التي خرجت في مليونيات تمت مواجهتها بعنف مفرط، واستعان البرهان بالإسلاميين وأرجع لهم اموالهم ووظائفهم واصبحوا هم يسيّرون الدولة وسط عزلة تامة داخلية وخارجية.
8- بعد ضغط الشارع والضغوط الخارجية رضخ البرهان للجلوس مع قوى الثورة وبرعاية دولية، نتج عنها الاتفاق الاطاري مع اشتراطات هي عبارة تعجيز، ورغم ذلك أوفت “قوى الحرية والتغيير” بالمطلوبات وأوشكوا على التوقيع بانسحاب العسكريين وقيام حكومة مدنية.
9- اصبحت قوات الدعم السريع قوات مشاة ضاربة بديلا عن الجيش، وبالتالي تنطلق من منطلق القوة، واختلفت الروؤى، فالبرهان أصبح يراهن على الإسلاميين بينما حميدتي يرى في عودة الإسلاميين انتقام وتصفية له، واصبح خياره أن يدعم الاتفاق الإطاري واصبح على نقيض مع البرهان.
10- عند اقتراب توقيع الاتفاق النهائي بدأ كل طرف يعد العدة ويحشد الحشود، وتولى الإسلاميون في الجيش قيادة المعارك ضد الدعم السريع الذي كان على استعداد كامل، ففاجأ الجيش الذي لم يفق من الصدمة إلا بعد وقت، واصبحت قوات الدعم السريع تسيطر على رقعة واسعة من ولاية الخرطوم بمدنها الثلاث.
11- مع انطلاق المعارك حدث انفلات أمني كبير من حوادث النهب والسرقة وإشعال الحرائق في عمل ممنهج يديره أحد اطراف القتال.
12- تم الاتفاق عدة مرات على الهدنة ولكن هنالك طرف خفي ضد الهدنة، واستمر القتال والانفلات الأمني.
13- المقتدرين مالياً غادروا العاصمة للأقاليم وإلى مصر، وهؤلاء لا يمكن اعتبارهم لاجئين، وأصبح الذين بقوا في منازلهم أحوج للإعانة والإغاثة، وغير قادرين على تكاليف السفر داخلياً أو للخارج.
14- أصبح هنالك تردي مريع للبيئة وانقطاع المياه وانعدام السيولة ورداءة الاتصالات.
رؤى الحل………..
1- لابد أن يصل المتحاربون إلى مرحلة توازن الضعف للنظر في وقف إطلاق النار بشرط جعل العاصمة منطقة مجردة من السلاح.
2- تكوين لجنة دولية لوضع أسس دمج القوات وكل حَمَلَة السلاح في جيش واحد خلال مدة قصيرة.
3- تسريح كل من لا تنطبق عليه شروط الانتماء للقوات المسلحة.
4- تقوم مبادرة سياسية بمراقبة دولية لتكوين لجنة قومية من شخصيات متفق عليها وتفوض باختيار وتكوين حكومة كفاءة مدنية وفق برنامج محدد للتواصل مع العالم الخارجي، لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وتكوين لجان التحقيق والمحاسبة في الأحداث وتصفية جذور النظام السابق وتكوين المفوضيات للاصلاح القانوني والتعداد السكاني وإعداد قانون الانتخابات.
5- تقوم اللجنة القومية بتكوين مجلس خبراء يضمن تمثيل القوى السياسية ولجان المقاومة والقوى المدنية، ويكون بديلا عنها حتى تقوم الهيئة التشريعية المنتخبة.
6- إلى حين إكمال الفترة الانتقالية يبتعد المسلحون كافة، بما فيهم القوات المسلحة، عن التدخل في الشأن السياسي إلى حين عودة تراتبية القوات المسلحة.
7- إطلاق نداء عالمي لتعمير ما دمرته الحرب.
8- عودة الشرطة فوراً إلى ممارسة مهامها في حفظ الأمن وإعادة القبض على المحكومين.