كلمة شكر وتقدير وعرفان للاعلاميين والمراسلين الفلسطينيين
على مدار العصور كان للإعلام أهمية بالغة في السلم والحرب، وكان ولا يزال بموازاة كل جبهة حرب قتالية جبهة حرب إعلامية يعمل بها المحترفون من الإعلاميين المؤهلين للعمل بأدواتهم الناعمة، حتى بات يتميز عصرنا الحالي بأنه عصر الإعلام والاتصال بامتياز، وإن امتلاك إعلام عصري ذكي يُعد أحد أهم مقومات قوة الأمم.
إننا في المعهد العالمي للتجديد العربي نثمن عالياً القوة الإعلامية الفلسطينية التي رابطت وصمدت داخل غزة طوال فترة الحرب، وعملت باحترافية وبروح وطنية ومهنية دون تعب أو كلل، فحققت نصراً دولياً أنعش قلب القضية الفلسطينية، وأخرج ملفها المتقادم لتأخذ مكان الأولوية الدولية إعلامياً وسياسياً وقضائياً وإنسانياً، وحتى تاريخياً ودينياً؛ وصنع لها تعاطفا شعبيا جماهيريا عربيا وعالميا منقطع النظير.
وإننا نشيد بالنصر الإعلامي الذي حققه المراسلون والصحفيون الفلسطينيون المرابطون في غزة، وبقوة إيمانهم بقضيتهم، وبصمودهم ومصداقيتهم واحترافيتهم المهنية، ونشيد بتضحياتهم بأرواحهم وبالثمين والغالي للانتصار في هذه الحرب المجرمة ولإيصال تفاصيل وأخبار مآسي الحرب المجرمة إلى أسماع العالم قاطبة، بالكلمة المكتوبة وبالصوت والصورة، وبمهنية وحرفية متناهية في الدقة، وبالحرص الكامل على الابتعاد عن التضليل الإعلامي الذي هو ديدن الإعلام الغربي؛ فكان لهم الفضل والبطولة في بناء أركان القضية التي قدمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، والتي لولا هذا الإعلام لما وصلت القضية بأركانها القانونية، وبالأدلة الموثقة، إلى المحكمة الدولية، ولا إلى ملايين البشر الذين صاروا يتهافتون لمعرفة سر قوة صمود الإنسان الفلسطيني أمام الوحشية الصهيونية التي لم يسبق لها مثيل عبر التاريخ.
ومن منبرنا ننعى شهداء الصحافة في غزة، ونندد بالإنتهاك الصارخ لحق حرية التعبير عن الرأي الذي يمارسه الصهاينة بقتل الصحفيين في غزة وملاحقتهم واعتقالهم وتعذيبهم، إضافة على ما هم معرضون له من قصف وتدمير على مدار الوقت… ونشيد بصمود المراسلين الفلسطينيين الذين تفوقوا على بدائية وسائلهم، وعلى الانقطاع المتعمد لشبكات الاتصال والتواصل في مناطقهم، وعلى قلة العدد والعدة، وعلى الفقر والجوع، وتغلبوا على القهر الذي يعيشون كل لحظاته أمام مشاهد الأم وهي تنعى أبناءها، والأطفال الذين أصبحوا دون عائل ولا رعاية، الجد الذي فقد روح الروح؛ وأمام جثث زملائهم الشهداء أو الفاقدين لفلذات أكبادهم… هذا القهر والظلم كان أمامهم أضعافا مضاعفة عما يشاهده المشاهدون عن بعد… ورغم كل ذلك انتصر إعلام فلسطين البدائي على الإعلام الصهيوني بكل إمكانياته الثرية والقوية والمنتشرة في أركان المعمورة.
المعهد العالمي للتجديد العربي
28 يناير 2024