عرض كتاب ” إلى روح علي الكنز “

تقرير حول ندوة “عرض كتاب ” إلى روح علي الكنز “”

قدّمت وحدة الدّراسات الاجتماعيّة بالمعهد العالمي للتّجديد العربي الأربعاء 01/03/2023، ندوة علميّة تحت عنوان “عرض كتاب –إلى روح علي الكنز-“، أدارها رئيس الوحدة الأستاذ الدّكتور محمّد نجيب بوطالب، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بالجامعات التونسيّة. وقد قدّم الأستاذ الدّكتور سمير عبد الرّحمن الشّميري هذه المحاضرة، وهو عضو في المعهد بوحدة الدّراسات الاجتماعيّة وأستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن.
استهلّت النّدوة الفكريّة بتقديم نبذة تعريفيّة عن شخصيّة الدّكتور علي كنز، باعتباره أحد أعلام السّوسيولوجيا، وهو جزائريّ ذو عقل سوسيولوجيّ ورؤية سوسيولوجيّة عميقة، منتصر للعدل والإنصاف ورافض للهيمنة والصّنمية والتّقديس، فضلا على أنّه ناقد لغوغائيّة التّحليل، يتميّز بحبّ العلم واحترام آدميّة الإنسان وتحكيم النّظر والبصيرة بعين تفكيكيّة.
إنّ كتاب “إلى روح علي كنز” صدر باللّغتين العربيّة والفرنسيّة، دار القصبة للنّشر، الجزائر. وهو مزيج متنوّع من الأوراق البحثيّة، يحتوي على 21 مداخلة في أكثر من 270 صفحة. وهو امتداد للنّدوات المكرّسة عن الرّاحل على الكنز.
وتناولت المحاضرة بعض الأفكار ذات الصّلة بشخصيّة علي كنز والمشار إليها في مضمون المداخلات بالكتاب. فهو مهتمّ بشكل كبير بمسألة ترقية العقل وتفتيح الأذهان، فنشر سلسلة الأنيس الثّقافيّة، وشارك في تأسيس الجمعيّة الثّقافيّة الجاحظيّة وهو من المؤسّسين الكبار للجمعيّة العربيّة لعلم الاجتماع، وله مؤلّفات شهيرة تحت اسمه المستعار الطّاهر بن حوريّة مثل “الاقتصاد في الجزائر”، “الأساتذة المفكّرون”، “الجزائر والحداثة”، “الصّدفة والتّاريخ”، “على مدار الأزمة”، “غرامشي في العالم العربيّ”، “أوروبّا والعالم العربيّ”،…إلخ.
وكان علي كنز قد خرج من الجزائر بعد حملة الاغتيالات التي طالت عدّة مفكّرين، فالتحق بجامعة تونس من 1993 إلى 1995، ومن 1996 إلى 2017 التحق بجامعة في فرنسا. فقد أحبّ اللّغة العربيّة وسافر إلى مصر لتعلّمها. كما نادى أيضا بالمصالحة اللّغوية بين المثقّفين المعربين والفرنسيّين أو “المفرنسين”.
ومن المسائل المهمّة في مسيرة على كنز أنّه نادى بمسألة وجود علم اجتماع عربيّ مستقلّ عن المدارس الغربيّة، ومعلوم أنّه ضدّ الصنميّة وضدّ الاستخدامات غير الواعية للمناهج. كما وقف ضدّ القطيعة اللّغوية والثّقافيّة. وكان معتزّا بهويته العربيّة والجزائريّة، محبّا لللعادات والتّقاليد الجزائريّة، والتّراب الوطنيّ. فكرّس كتاباته حول الدّين والثّقافة الإسلاميّة ودورهما في تشكيل الهويّة المجتمعيّة. وكان مولعا بالصّوفية وتهليلات الأعياد الإسلاميّة والغناء الدّيني، وعرف بانفتاحه على جميع الاتّجاهات وكرهه للتعصّب والانقسامات المجتمعيّة.. فقد ترك بصمة في علم الاجتماع العربيّ بل وعلى الصّعيد العالمي أيضا.
وفي الجزء الثّالث من المحاضرة تناول المحاضر في مداخلته في الموسومة بـــ”على الكنز: الدّولة والممارسة الاجتماعيّة”، عنوانا: من الإعجاب بالدّولة إلى اكتشاف الممارسة الاجتماعيّة. ويندرج هذا النّص ضمن الدّراسات الوصفيّة في علم الاجتماع.
وفي الختام تمّ التّأكيد على أنّ الدّكتور علي كنز قد أغنى المكتبة السّوسيولوجيّة بمؤلفات رصينة، تدفع بنا إلى النّقد البنّاء بعمقها الفكريّ والمعرفيّ. كما تمتّ الإشارة إلى أنّه من الضّروري إعطاء أهمّية كبرى للمختصّ في علم الاجتماع وفي سائر العلوم الاجتماعيّة الأخرى، حيث نختلف لكن نتحاور ولا ننفي الآخر، داعية إلى التّركيز على مسألة التّواصل الفعّال في الخريطة الثّقافية على خطى البروفيسور علي كنز، لأنّ له تجربة سوسيولوجيّة عميقة وثريّة بين الجزائر وتونس ومصر وفرنسا، مثمّنة مسألة الاحتفاء برموز علم الاجتماع، ومؤكّدة على المواصلة في هذا الاتّجاه حتّى مع رموز علم الأحياء، للاستفادة منهم والنّهل من تجاربهم وبحوثهم العلميّة والسّوسيولوجيّة.
وشارك في النّدوة عدد من المتخصّصين والمثقّفين والمفكّرين من أعضاء المعهد ومن خارجه، من خلال مداخلات وتساؤلات في محاور المحاضرة لتتمّ الإفادة والاستفادة.