الدكتور خضير المرشدي
مؤسس المعهد العالمي للتجديد العربي
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوات والاخوة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وسط أعاصير الحرب وشلالات الدماء وازيز المدافع وقصف الطائرات وقتل وتهجير شعب عربي بريء من ارضه ووطنه، وفي مواجهة مفتوحة مع نظام همجي مجرم متوحش ومستهتر؛ يسقط الحديث بلغة الدبلوماسية، ولا قيمة لبيانات ادانة خجولة؛ ولم تعد هناك حاجة لكلمات ناعمة تراعي احاسيس (مرهفة) لهذا المسؤول العربي أو غيره، ومصلحة هذه الدولة أو تلك، استناداً لحقيقة أن نتائج الصراع والحرب الفاصلة مع الكيان الصهيونى المجرم، ومن يقف وراءه من دول الغرب بعامة، والولايات المتحدة الاميركية بخاصة، تتعدى حدود غزة وفلسطين الى ما هو في صميم حاضر ومستقبل وجود الامة بأكملها.
فاذا ماتمكّن جيش الارهاب الصهيونى لا سمح الله من تحقيق أهدافه التي اعلنها في القضاء على غزة ومقاومتها الباسلة في ظل دعم إمريكي وغربي مكثف وصريح ومباشر، فإن ذلك ايذاناً بفتح شهيته لتحقيق مشروعه في ما يسمى “صفقة القرن” ليمحو بذلك حواضر عربية مجيدة بفعل من تواطأ وتخاذل من حكّامِها.
لكن مقدمات الحرب في صولة طوفان الاقصى التاريخية الجسورة وما تلاها من منجزات المقاومة ممثلة بحركة حماس البطلة وفصائل الجهاد الاخرى وما صاحبها من تضحيات ودماء وصبر ومطاولة وبطولات قل نظيرها في تاريخ الصراع لهي دليل على حتمية الانتصار على هذه الالة العسكرية الرهيبة، والوحشية المتجذرة في عقول ونفوس هؤلاء القتلة، وان المجد سيصنع من غزة للأمة بأجمعها.
لقد كشفت هذه الحرب هزالة وخيانة وتخاذل النظام الرسمي العربي، بل وعرّت ارتباطات بعض من مسؤوليه بالصهيونية العالمية وكيانها المجرم، وحرصهم على تسهيل تنفيذ مشروعها لتدمير كل مراكز القوة في الامة، إبتداءً من احتلال العراق وتدميره ومساهمتهم في تمويل هذا الاحتلال، انتهاءً بالحرب الاجرامية الجارية ضد شعب فلسطين ومقاومته الباسلة في غزة، بتواطئهم مع الكيان الصهيونى وتباكيهم على قتلاه دون خجل.
كما وإن هذه الحرب قد فضحت ادعياء ما يسمى محور “المقاومة والممانعة” الذي لم يعد ينظر له الشعب العربي إلا كونه أداة مأجورة رخيصة لتحقيق مآرب وغايات الولي الفقيه الساعي لاستثمار نتائج الصراع الدموي لصالح مشروعه الاسود الذي يتناغم ويتخادم ويتكامل مع المشروع الصهيوني الاكثر اسواداً واجراماً، بغية تقاسم النفوذ على حساب اشلاء ودماء الاطفال والنساء والشيوخ وعلى حساب مصير الدول العربية قاطبة.
في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة، فإن اعضاء المعهد العالمي للتجديد العربي، مفكرين ومثقفين وعلماء من الدول العربية كافة، في الوقت الذي يعبّرون فيه عن حزنهم العميق على تلك الارواح البريئة التي ارتقت الى بارئها وعلى هذا الدمار الهائل، فإنهم يؤمنون إيماناً مطلقاً بقدرة المقاومة الفلسطينية الباسلة على افشال هذه الحرب الفاشية ضد شعب فلسطين البطل، والحاق الهزيمة المنكرة بالكيان الصهيونى المحتل المجرم، وإن نتائجها رغم الالم والحزن والفقدان والدمار، سوف تغيّر وجه التاريخ وترسم معالم مستقبل فلسطيني وعربي جديد خالٍ من عصابات صهيونية ارهابية مجرمة ومن اعوانها والمتباكين عليها، مما يفرض على كل عربي شريف أن يهبّ لإدامة زخم المعركة بما يملك من امكانات، والمبادرة بتشكيل فرق لنجدة غزة والاقصى مادياً ومعنوياً وسياسياً وإعلامياً… كما وينبغي على المؤسسات الدينية في الوطن العربي اعلان التطوع لمن يستطيع المساهمة في المعركة نجدة لفلسطين وغزة والاقصى والقدس الشريف.
وبعد أن يأسنا من وقفة مشرفة من حكام الدول العربية ولو بحدودها الدنيا، ذلك بمقاطعة العدو الصهيوني، واغلاق سفاراته ومكاتبه وطرد ممثليه، والتلويح بقطع ضخ النفط إلى الكيان والدول الداعمة له، نتوجه بخطابنا إلى شعب غزة المكافح الصابر والمضحي وإلى رجال العز والكرامة في غزة ونقول:
أيها الاشقاء الافذاذ إنكم بفعلكم الاسطوري هذا، تكتبون ملحمة الخلود الكبرى لشعبكم وامتكم ولنا جميعاً؛ نحن العاجزون عن نصرتكم والمقصّرون بحقكم، بفعل فاعل تعرفونه جيداً، فالحق يقتضي والشرفُ أن تختلط دماؤنا بدمائكم، وتتلاقى أرواحنا بأرواحكم في أديم السماء بين يدي رب رحيم، لقد اعطيتم الانسانية درساً في الاخلاق والفداء والتضحية بأغلى ما يملك الانسان دفاعاً عن الاوطان والارض والانسان وانتزاع الحرية والحقوق، وإنكم تصنعون مجداً عظيماً لأمة سوف لن يرحم التاريخ حكّامها عندما تخلّوا عن أداء واجبهم في لحظة الحقيقة.
واعلموا أيها الابطال ان انتصاركم الحتمي والاكيد على أعداء الله والحياة والإنسانية، سيبعث الروح في هذه الامة من جديد، ويعيد لها الأمل في مستقبل أنتم صانعوه بدمائكم وصبركم ومطاولتكم وبطولاتكم… وما النصر إلا من عند الله العزيز القدير .