وحدة الدراسات السياسية والاستراتيجيةالسيّدات والسادة الاعزاء ندعوكُم لحضور الندوة الفكريّة التي تعقدها وحدة الدراسات السياسية والاستراتيجية على تطبيق زووم الزمان: الأحد 07- 05- 2023 الساعة الخامسة مساءً بتوقيت غرينتش بإمكانكم الدخول عبر الرابط التالي: https://us06web.zoom.us/j/96861823729
Posted by Global Institute for Arabic Renewal on Sunday, May 7, 2023
تقرير ندوة
“سياسة إيران الإقليمية“
نظمت وحدة الدراسات السياسية والاستراتيجية بالمعهد العالمي للتجديد العربي يوم الأحد 7 /5/2023 ندوة فكرية تحت عنوان “سياسية إيران الإقليمية”.
افتتح الندوة وأدارها الدكتور خالد المواجدة، وهو نائب رئيس وحدة الدراسات السياسة والاستراتيجية بالمعهد العالمي للتجديد العربي مرحبا بالحضور ليحيل الكلمة بعد ذلك إلى أول المتدخلين في الندوة الدكتور هاني إلياس نصر الحديثي، وهو أستاذ السياسة الخارجية والعلاقات الدولية (شؤون آسيوية)، عميد كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد سابقا، وعضو اللجنة العلمية بوحدة الدراسات السياسة والاستراتيجية بالمعهد.
والذي استهل محاضرته بإثارة ملاحظة أساسية حول مفاهيم الطابع الجدلي للسياسة الخارجية لإيران على امتداد تاريخها القديم والحديث والمعاصر، كما أشار إلى المؤسسات الأساسية لصناعة القرار الخارجي لإيران والتي تتحدد في الدستور والقائد المرشد (ولاية الفقيه، الذي يتصل به مجلس تشخيص النظام ومجلس الشورى بالإضافة إلى مجلس صيانة الدستور والسلطة التنفيذية، كما أشار إلى أن كل هذه المؤسسات لها ارتباط بمراكز بحوث تمدها بالمعلومات الضرورية وهو ما يفيد أن إيران تعتمد على مأسسة القرار ومنهجيته التي تدعم سياسة إيران على المستوى الإقليمي وتستند على استراتيجية أساسية وهي تصدير الثورة الإسلامية وفق منهج ولاية الفقيه. مستندة في ذلك على محددات وعناصر أساسية تتجسد في بُعدها القومي أو مزيجها الديموغرافي والعرقي والمذهبي الذي تتداخل فيه مع عدة دول من الجوار الإقليمي.
بالإضافة إلى العامل الثاني هو البعد الجيواستراتيجي، إذ تعتبر إيران الرابط بين جنوب وشرق آسيا.
كل هذه العوامل جعلت من إيران أهم القوى الفاعلة سياسيا واقتصاديا في منطقة الشرق الأوسط ولاعتبارات تاريخية وحضارية جغرافية اقتصادية. وإن كانت وجدت منافسة قوية في محور دول آسيا خاصة من طرف تركيا، الصين وروسيا التي لم تمكنها من التوغل وتحقيق استراتيجيتها في نشر مبادئ الثورة الإسلامية واكتفت بتطوير العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، غير أنها في المقابل حققت صعودا قويا واكتساحا على مستوى دول الجوار الإقليمية خاصة بعد الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988 وبعد غزو العراق للكويت، وكذا أحداث 11 سبتمبر 2001 والأحداث التي تلتها بعد غزو أفغانستان والعراق.
ومن هنا سعت إيران إلى بسط نفوذها على محيطها الإقليمي انطلاقا من فرض نفوذها السياسي والتداخل الاجتماعي والسعي إلى توظيف العنصر المذهبي لصالح سياساتها الخارجية في العراق واليمن وسوريا ولبنان وبلدان الخليج، مما شكل التراجع الأمريكي المؤقت في الشرق الأوسط فرصة نحو تعزيز النفوذ الإيراني خاصة في ظل التوافقات الأمريكية- الإيرانية في العراق وعموم المشرق العربي.
مما يجعل هذا الأخير مرهونا بمتغيرات أساسية التي تمثلت في التوافق الاستراتيجي الإيراني في المنطقة والمؤشرات تروم تكريس محورين أساسيين في المنطقة.
المحور الأول: محور التعاون الإسرائيلي والتركي مع بلدان عربية ضمنها بلدان الخليج العربي التي تبحث عن مظلة في مواجهة التحديات الإيرانية، وهو محور يمكن أن يحقق شراكات اقتصادية وأمنية قد تشمل مصر أيضا.
المحور الثاني: وهو محور الممانعة الذي يضمن استمرار النفوذ الإيراني ويشمل العراق، سوريا، لبنان، اليمن، وهو محور يضمن قيام شراكات اقتصادية وأمنية للبلدان العربية مع إيران.
ليخلص د. هاني إلى السيناريوهات المحتملة في المنطقة:
1) السيناريو الأول، يتجسد في تقاسم النفوذ بين مختلف القوى في المنطقة.
2) السيناريو الثاني، تغيير النظام السياسي الإيراني.
3) السيناريو الثالث، أهمية العراق بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية حتى تحد من نفوذ الصين وإيران.
ليأخذ رئيس الندوة الكلمة للإشارة إلى المحددات الأساسية في السياسة الإيرانية الخارجية حسب ما تفضل به الدكتور هاني والتي تتجلى في مبدأ تصدير الثورة والقومية الإيرانية والعلاقة الجدلية مع دول الجوار على اعتبار أن هذه الأخيرة هي البطن الرخوة التي تحاول إيران بسط سيطرتها ونفوذها عليها، وهو ما يفسر التحالف الثلاثي حسب ما أسماه د. خالد المواجدة ليسأل عن المشروع العربي إلى أين؟
ليحيل الكلمة بعد ذلك إلى د. خالد الهاشم وهو عضو وحدة الدراسات السياسية والاستراتيجية وكذلك مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ليتدخل كمعقب حول موضوع (الصفقة الصينية بين السعودية وإيران انتكاسة أم مصلحة أمريكية ؟). واستهل تعقيبه بالإشارة إلى الدور الأصيل للصين خلال العقود الماضية والمنحصر في البعد الاقتصادي فقط ليتحول بعد ذلك إلى دور سياسي استراتيجي، وذلك عبر انتقالها للشرق الأوسط الذي كان يعتبر منطقة نفوذ أمريكي بحت. ليشير إلى أن هذا التحول يستند إلى إعادة تموضع الكثير من القوى العالمية بالمنطقة، لتحقق الصين اختراقا دبلوماسيا يتجلى في الوساطة ما بين العربية السعودية وإيران، ليطرح د. خالد الهاشم سؤالا محوريا كافتتاح لورقته التعقيبية والذي يتحدد في هل يمثل الاتفاق الذي رعته الصين انتكاسة وتراجعا للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط أم أنه يحقق مكاسب غير مباشرة لها؟
ليتطرق الدكتور المعقب إلى نقطتين أساسيتين كإجابة منه على هذا السؤال من خلال إشارته إلى المساعي العربية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي والذي يأتي في إطار النقاشات التي تمخض عنها الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين. وإن كان الاتفاق يحمل معطيات تنافس جديد بين أمريكا والصين على منطقة الشرق الأوسط. كما أنه يحمل مؤشرات عن مساعي إيران للاحتفاظ بوجودها الجيواستراتيجي في كل من العراق وسوريا كورقة ضغط في مواجهة ضغوط أمريكا، ومن ناحية أخرى شكل الاتفاق مؤشرا على تعزيز دور روسيا في سوريا، وكذلك حل مشكل اليمن بالدرجة الأولى، وإن كان الاتفاق يحيل من جهة أخرى إلى استراتيجية الصين للتوغل في المحيط العربي خاصة بعد المتغيرات الأساسية التي شهدتها بلدان إقليم الخليج العربي.
خلال النقطة الأولى حاول عرض الجوانب السلبية للاتفاق السعودي الإيراني على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وأجملها فيما يلي:
1- أن الاتفاق مهد لتعاون أعمق وأوسع بين الصين، إيران والسعودية والتي تعتبرهم الولايات المتحدة الأمريكية أنظمة استبدادية لا تحترم حقوق الإنسان أو الديمقراطية على المستوى الداخلي، وعليه هذا الاتفاق لا يخدم المصالح أو القيم الأمريكية القائمة على الديمقراطية وحقوق الإنسان.
2- تحقيق الصين دفعة دبلوماسية قوية كداعم للسلام والاستقرار العالمي.
3- أرسى الاتفاق شريان حياة لإيران المعزولة سياسيا مما سيعزز مكانة السلطة السياسية لإيران وفتح آفاق للتعاون الاقتصادي مع السعودية.
4- تزايد الروابط بين السعودية والصين وعليه فهذا التقارب سيخدم الأنظمة الاستبدادية والتعاون بينها ويدفع بالتراجع بالنسبة للدور الأمريكي في المنطقة.
5- أنها خطوة مهمة نحو التطبيع الإسرائيلي مع العرب مما سيضعف حسب رأيه احتمالات المزيد من التقارب العربي الإسرائيلي.
أما النقطة الثانية فحددها في قياس إجمالي مصالح الولايات المتحدة الأمريكية من الصفقة الاتفاقية وحددها فيما يلي:
1- أن هذه الصفقة لن تكون مكلفة للولايات المتحدة ولا تحتاج معها إلى بذل جهود إضافية لتقويض الصين، بل على العكس يمكن أن تكون الدبلوماسية الصينية مكملة جزئيا للمصالح الأمريكية في المنطقة.
2- استئناف العلاقات السعودية الإيرانية سيشكل دافعا لاستقرار الأوضاع في اليمن لأن الولايات المتحدة تريد شرق أوسط أكثر استقرارا لتحقيق مصالحها والاتفاق يخدم هذا الاتجاه.
3- كما أن الصفقة لن تشكل مكاسب طويلة الأمد بالنسبة لإيران نظرا لتطلعات إيران في المجال النووي، وعليه من المرجح أن ينهار الاتفاق وهو ما يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية
4- الاتفاق لا يشكل خطرا على النفوذ الأمريكي للارتباط العضوي للاقتصاد السعودي بالاقتصاد الأمريكي خاصة في مجال الأسلحة وكذا حاجة السعودية للوساطة الأمريكية في إطار علاقتها مع إسرائيل.
5- بسط نفوذ الصين على المنطقة يستدعي تحمل التجاوزات المفترضة من أطراف الاتفاق، وهو ما قد يضعف دور الصين على المدى الطويل مما سيؤدي إلى فشل الاتفاق.
ليخلص د. هاشم في رده التعقيبي إلى أن الصين وإن سعت إلى تزايد نفوذها في الشرق الأوسط على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي فالاتفاق لا يتجاوز هذا الحد وإن كان قد يدفع إلى تغيير سياسة بايدن تجاه الشرق الأوسط. وإن التحليل يروم عدم الرهان أو المقامرة بحسن نوايا إيران خاصة وأنه لا يوجد مؤشر على تغيير في أهدافها الاستراتيجية والتي تشمل الهيمنة الإقليمية والبرنامج النووي.
مما يطرح السؤال حول الأدوار المستقبلية للصين على مستوى انخراطها السياسي والدبلوماسي في المنطقة، والذي يجسده الاتفاق السعودي الإيراني، وهو ما يطرح رهانات تظل شائكة في طبيعة العلاقات ومآلاتها خاصة بالنسبة لإيران والسعودية والتواجد الصيني في المنطقة وحدود نفوذ ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
ليأخذ السيد رئيس الندوة الكلمة ليشير أنه من الصعب تخيل العالم العربي بدون هيمنة أمريكية نظرا لتشابك المصالح الاستراتيجية، وإن كانت الصين تحاول بسط نفوذها بشكل هادئ، ليفسح المجال بعد ذلك للسادة الحضور والمشاركين للإسهام بتعقيباتهم، ليفتتح المداخلات الأستاذ بدر السعد من العراق وهو أستاذ التاريخ معقبا على طرح د. خالد المواجدة بخصوص ضرورة قيام حراك عربي يحاول محاربة المد الإيراني، ليتساءل عن مصدر هذا الحراك، فإن كان المقصود هو الأنظمة العربية فلا يمكن على هذا المستوى قيام أي حراك نظرا لغياب الإرادة وكذلك لعدم استقلالية الأنظمة وخضوعها للهيمنة الأمريكية، أما إن كان المقصود هو الشعوب فهذا يظل هو الأمل من حيث تحريك الوعي الشعبي بهذا الخطر من خلال استثمار القضايا التاريخية المشتركة وتقوية العامل القومي، ليحيل بعد ذلك رئيس الندوة الكلمة إلى المعقب الثاني وهي السيدة لهيب والتي أشارت إلى أن النفوذ الإيراني لا يجب النظر إليه من الزاوية الإقليمية بل ضروري النظر إليه كذلك من الزاوية الدولية، لأن السياسة الإيرانية لم تعد منفردة خاصة مع تصاعد قوى أخرى جديدة كالصين، روسيا، كوريا الجنوبية، الهند كقوى آسيوية متأهبة لمناهضة النفوذ الأوروبي الأمريكي في المنطقة، وبالتالي هناك تحولات جيواستراتيجية تجعل من إيران محورا مهما في الفضاء الأوروآسيوي. ليشير بعد ذلك د. خالد المواجدة إلى عدم امتلاك الأنظمة العربية لأدوات الضغط التي تجعل إيران تتراجع عن سياستها، ليحيل الكلمة بعد ذلك إلى د. القصاب وهو عضو بوحدة الدراسات السياسية والاستراتيجية بالمعهد والذي أشار إلى أن الموقع الجيوبوليتيكي لإيران وإن كان في نظر البعض مصدر قوة فقد يعتبر كذلك مصدر فشل للمشروع الإيراني لاعتبارات داخلية تتجلى في الوضع الديمغرافي الذي يحتوي على المكون الفارسي واعتبار خارجي يتمثل في الدول المحيطة المعادية خاصة في السيكولوجية الإيرانية (أفغانستان، العثمانيين، العراق) وكذلك تزايد النفوذ الباكستاني على مستوى الإنتاج النووي.
فحسب د. القصاب لم يكن للمشروع الإيراني أن ينجح في التوغل في دول الإقليم العربي إلا بذيول هذه الأنظمة، وإن كان هذا المشروع يحمل في طياته عوامل فشله وانهياره، ليترك د. خالد المواجدة المجال للدكتورة سميرة وهي عضوة بالوحدة والتي أشارت إلى عدم واقعية الاهتمام بقدرة وقوة إيران لأن الأمر جد معقد، لأنها ليست دولة مفتوحة لذلك نحن بحاجة حسب طرحها إلى إعادة قراءة قوة إيران، لتركز حديثها بعد ذلك على الاتفاق السعودي الإيراني والذي يروم في نظرها إلى تحقيق مصالح أساسية خاصة الأمن والاستقرار في المنطقة (إيران ـ السعودية)، وعليه فإن هذا الاتفاق هو نتيجة وحصاد لسياسة إيران، لأن الموضوع الأساسي الذي يرومه الاتفاق بالإضافة إلى الملف اليمني هو معادلة الأمن القومي العربي والتي أصبحت بموجبها إيران الدولة الأقوى في المحيط الإقليمي، ليحيل بعد ذلك رئيس الندوة الكلمة إلى د. فجر الذي توجه بالشكر للدكتور هاني على مداخلته مع إشارته إلى اللوبيات السياسية والثقافية… الإيرانية التي تفضل المعطى الإيراني على العربي الذي تنصبه عدوا، وإن كان د. فجر يتفق مع د. القصاب في أن إيران تعرف مواطن الضعف في داخلها خاصة على المستوى الديمغرافي والجيوغرافي…، أما بخصوص السيناريو الذي طرحه د. هاني فقد أشار د. فجر إلى أن طرح بقاء الوضع على ما هو عليه في إطار توزيع النفوذ هو سيناريو قد لا يحتمل قدرا من الصواب نظرا لمجمل التحولات الجيواستراتيجية التي تطرأ على المنطقة مع ترجيحه للسيناريو الذي يحدد المتغيرات والتحولات الاستراتيجية التي قد تطرأ على النظام السياسي الإيراني. ليعيد رئيس الندوة الكلمة للمحاضر الأول د. هاني الذي شكر المتدخلين مؤكدا على أن مبدأ إيران في سياستها الخارجية سيظل هو تصدير الثورة الإسلامية، وعلى هذا الأساس فإن العلاقات السعودية الإيرانية لن تخرج عن هذا المبدأ الذي يشكل عقيدة في السياسة الخارجية لإيران، ليحيل السيد رئيس الندوة الكلمة بعد ذلك إلى د. خالد الهاشم الذي أشار إلى تراجع الاهتمام الأمريكي في المنطقة نحو إقامة السلم والاستقرار من أجل حماية مصالحها وأن المنطقة لم تعد خيارا استراتيجيا أوليا للولايات المتحدة الأمريكية بل تم التراجع عنه ليصبح الاهتمام الأول لأمريكا هو المنطقة الآسيوية والصعود الصيني.
وختم د. خيضر المرشدي رئيس المعهد الندوة بعد شكره للمحاضرين والمتدخلين بكلمة تعقيبية طرح فيها تساؤلا أساسيا حول إلى أي حد يمكننا النظر إلى دور إيران المرتبط بالدور الأمريكي في المنطقة رغم المتغيرات والتحولات التي تجري في المحيط العربي، لأن هناك ترابطا وثيقا ما بين الدور الإيراني والأمريكي في المنطقة والدليل هو إقامة أمريكا للعملية السياسية في العراق كبديل عن فشلها العسكري، والذي يدير هذه العملية السياسية هو إيران تحت رعاية أمريكية، وعليه فالدور الأمريكي لازال فاعلا في المنطقة.
إعداد الدكتورة عفيفة بلعيد
مقررة وحدة الدراسات السياسية