البيان الختامي – المؤتمر الفكري الدولي الثالث– 1-4 مايو 2024
“المواطنة العربية – مفهوم ومحتوى”
انعقد المؤتمر الدولي الفكري الثالث للمعهد بتاريخ 1-4 مايو/ أيار 2024م، افتراضيا عبر تقنية زوم، تحت عنوان (المواطنة العربية-مفهوم ومحتوى) وركائز بناء الدولة العربية المعاصرة، وقد كانت الحرب على غزة، وتطورات الأحداث المتسارعة التي تشهدها الساحة الفلسطينية حاضرة بقوة في أعمال المؤتمر وأوراقه العلمية، وجلسته الافتتاحية.
افتُتح المؤتمر بكلمة لسعادة الدكتور خضير المرشدي رئيس المعهد، أبرز فيها موقف المعهد وتطلعاته وأسس استثماره في تجديد الفكر العربي، وذلك من خلال تأكيد مفهوم المواطنة العربية، بوصفها مفهوما حضاريا شاملا يُعد المستوى الأرقى والأعلى في طبقات بناء المجتمع العربي والضامن لتحقيق مصالح الأمة العربية العليا، وفق مبدأ التعددية واحترام خصوصية الدول العربية وتنوع منظوماتها الفكرية، بما يخدم كل دولة عربية باستثمار الخبرات والكفاءات العربية المتنوعة والمؤمنة بنهضة الأمة وضرورة مواكبتها للأمم الناهضة، وما يوفر للمواطن العربي حرية التنقل والعيش والعمل والإقامة ويرتّب عليه حقوقا وواجبات تحكمها منظومة قانونية حديثة. وانتهى بوصف فكر المعهد بأنه فكر عربي حديث يركز على تفكير نقدي وتحليل علمي لظواهر الحاضر وأحداثه وأزماته، والتأمل في الطبيعة والخلق والإنسان والتاريخ والتراث الحضاري والغوص في أعماقه لاستخراج درر المعرفة المفضية لاستشراف المستقبلات بما يسهم في إنقاذ الأمة.
كذلك تضمنت الجلسة الافتتاحية مراسم تكريم فقيد المعهد، وأحد أهم المفكرين العرب، الذي غادر دنيانا خلال العام 2023، المرحوم الأستاذ الدكتور إبراهيم أبو خزام، وتم تكريم ثلة من المفكرين العرب البارزين وهم:
أ.د. مازن الرمضاني. أ.د. سعد كموني. أ.د. محمود الجليلي.
أ.د. محمود المصباحي. أ. جمال العملة.
وتلا ذلك ندوة حوارية عامة بعنوان (واقع الوطن العربي ومستقبلاته في ضوء تداعيات الحرب على غزة)، تحدّث فيها ستة من أعمدة الفكر في المعهد العالمي للتجديد العربي.
وانشغل العلماء والمفكرون والخبراء والمثقفون والباحثون المشاركون في فعاليات هذا المؤتمر طوال الأيام الثلاثة التالية بعرض الأوراق العلمية ومناقشتها، وتقديم عدد من المحاضرات الرئيسية في قاعتين منفصلتين. وقد ناقش المؤتمر أكثر من ستين (60) ورقة علمية، من خلال إحدى عشرة (11) جلسة، موزعة على ثلاثة أيام، بمعدل أربع (4) جلسات في كل يوم، ومناقشة ما يقارب خمس (5) إلى ست (6) أوراق بحثية في كل جلسة.
توصل المشاركون في المؤتمر إلى عدد من الأفكار الرامية إلى وضع أسس النهوض بالأمة العربية، وتثبيت مفهوم المواطنة العربية ومحتواها، في راهنها ومستقبلها، وهي أفكار موجهة إلى المؤسسات العربية الأكاديمية والفكرية والثقافية الحكومية وغير الحكومية، وأهم تلك الأفكار:
1- ضرورة إصدار بيان فكري يتماهى مع الميثاق الفكري للمعهد، ويعبّر عن مخرجات المؤتمر الثالث وتطلعاته في مفهوم المواطنة العربية ومحتواها.
2- ضرورة إبقاء موضوع “المواطنة” موضِع درس وتحليل للخروج بفهومات جديدة لموضوعي الهُوية والانتماء، بما يرسم تصورًا لمفهوم الدولة.
3- تعد بنية المواطنة نسيجا من عناصر متعددة قانونية واجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية، كما أن الأمم التي تحوّل الثقافة إلى سلوك وقانون، وتجعل من الاقتصاد أداة إسعاد الإنسان، ونهضة الأمة، هي التي تحقق مواطنة تسهم في بناء العالم.
4- التكامل الاقتصادي كان مدخلا لبروز فكرة المواطنة الأوربية، لكن لا يمكن أن يكون وحده مدخلا ناجعا لبناء المواطنة بكل أبعادها الحقوقية والاجتماعية والثقافية.
5- . الاهتمام بالممارسات الحياتية للمواطنة وعدم الاكتفاء بالجوانب النظرية فقط.
6- – استثمار دور الإعلام الجديد في تعزيز قيم المواطنة في المشاركة السياسية ومكافحة التطرف والعنصرية وتعزيز التنوع الثقافي، وترسيخ الوعي بأهمية الاستقرار والتنمية.
7- تعزيز دور الإعلام والمحتوى الإعلامي في ترسيخ ثقافة الهوية الوطنية.
8- تعزيز الهوية اللغوية والمناهج التربوية والتعليمية بما يتناسب وقيم المواطنة العربية.
9- في مجال حوسبة الأدب وإشكاليّة المواطنة الرّقميّة لا بد من اتجاه المبدع العربي إلى الإنتاج، لزيادة فرص تحقيق المواطنة الأدبيّة الرّقميّة مع ما تتيحه من فرص انتقال أدبنا العربيّ إلى العالمية، وتطوير وسائل النّقد الأدبيّ التّفاعليّ التّجريبيّ، من خلال التّأسيس لوعي نقديّ أكاديميّ جديد، والابتعاد عن التّصورات النّقدية العائمة، ورفض الدّخول في قطيعة معرفيّة وتاريخيّة، مع مبتكرات الحداثة الرّقميّة، لئلا نكون خارج حركة التاريخ، دون الإغراق في استهلاك ثقافة التقنية. إن الاستمرار في تجديد لغة الخطاب الوطني والقومي بما يتناسب مع متطلبات الواقع العربي وينسجم مع الخصوصية العربية ويتلاءم مع طبيعتها، يعد من مهمات المبدعين والباحثين، خصوصا في ظل الرقمنة والأدب التفاعلي الذي سيظل موازيا للأدب الكتابي.
10- لئن تقتضي دولة المواطنة تحييد الدين عن المجال السياسي وعن القانون حتى لا يكون عامل تمييز بين المواطنين ومن ثمة عامل فرقة وصراع، فإن الدين يظل ذا موقع ووظيفة مهمّين في دولة المواطنة على الصعيدين الفردي والجماعي. فهو من أثبت عوامل الانتماء، يشدّ الفرد إلى وطنه ويعمّق الروابط بينهما بقدر ما يشدّ أفراد الجماعة بعضهم إلى بعض ويجعل منهم مجتمعا متماسكا ومتضامنا.
11- ضرورة البحث عن رؤية جديدة لفهم إشكالية التّاريخ العربي من خلال الوعي بالذات الجماعية (المجتمع والدولة) مع استلهام قيم التراث القابلة للتجديد والحياة بما يحفظ روح المواطنة الحقيقية وتعزيز الحاضر بالتربية والتعليم واستشراف آفاق المستقبل بالعزم الجماعي في التطور ومواكبة التغير العالمي مع المحافظة على الإرث القومي والوطني.
12- توجيه الاهتمام إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في إطار المواطنة، بما في ذلك توفير فرص متساوية ومعالجة التمييز وعدم المساواة.
13- ضرورة بناء معايير مواطنة قانونية وسياسية تكفل الانتماء إلى الدولة الوطنية على أساس رابطة مدنية مشتركة في دائرتها القطرية وفي دائرتها القومية الواسعة، وتوجِد معايير تكفل وحدة الهوية والتاريخ في ظل تنوع اجتماعي وثقافي يثريها.
14- الاهتمام بالمضمون الاقتصادي للمواطنة، وإنهاء الخلافات البينية واستثمار الفرص، وإعادة الاعتبار للاتحادات العربية، لإنجاح المواطنة العربية.
15- استثمار وسائل التواصل الاجتماعي في نشر التراث الشعبي العربي بكل ألوانه، والحفاظ عليه من العبث والتشويه.
16- تعزيز الهوية الوطنية والانتماء للدولة، واحترام سيادتها، من خلال بناء السمعة الرقمية السليمة والانفتاح على الثقافات الأخرى، والعودة إلى روحية الإستراتيجيات الوطنية للتحول الرقمي وحماية البيانات المقرّرة في الدول، وإصدار التشريعات الخاصة لتطبيقها.
17- تعزيز الدراسات الأكاديمية لفهم أثر مواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل الهوية الوطنية لدى فئة الشباب.
18- ضرورة استثمار الرقمنة الحديثة في الحفاظ على المتاحف العربية.
19- الحفاظ على التنوع والتعدد الثقافي كما تتشكل بصورة طبيعية بين المجتمعات البشرية، والحفاظ على الخصوصيات الثقافية للمجتمعات البشرية، وتنشئة الأجيال الصاعدة على التشبث بالهوية والخصوصيات الثقافية وبالقيم الثقافية المحلية والانفتاح على الكونية دون انصهار أو انسياق.
20- بلورة نظام مفاهيميّ مستنبط من النّصوص الرّقميّة، يمكّن المؤسّسات من تبنّي سياسات واضحة، وإرشادات ممنهجة عن استخدام التّكنولوجيا، والوسائط الرّقميّة بما يضمن المحافظة على الخصوصيّة، والتّصدّي الواعي للتّحديات الأخلاقيّة، كمكافحة التّنمّر الالكترونيّ، وإسقاط خطاب الكراهية بين المتفاعلين، ويتيح تالياً إدارة الهويّة الرّقمية للمواطنين الرّقميين، مع ضمان حسن التعامل مع المخرجات المترتبة على التّلاقي بين التّكنولوجيا، والنّشاطين اللّغويّ والأدبيّ.
04 مايو/ أيار 2024